كلمة الحق ….ولو كره الكارهون – وكالة بابليون
أحدث_الأخبار
سياسية

كلمة الحق ….ولو كره الكارهون

سعد الأوسي

في اختصار جامع مانع دقيق يلخص السيد نوري المالكي بحكمة وواقعية المشهد السياسي الحالي في تغريدته الأخيرة حيث وصف بشجاعته وصراحته المعهودة واقع الحال السياسي والمأزق المعقد الخطير الذي أراد بعض الشركاء (الكبار) ان يأخذوا البلد اليه بسبب حالة التعنت والتجبر والاستقواء والنزعة الانفرادية الاستئثارية التي وسمت هذه المرحلة والتي نعتقد بيقين انها صراعات بالانابة يخوضها طامعون جشعون لاهثون وراء سراب سلطة تسنموها بالمصادفات الغبية الغريبة و يقتلهم التوق للاستمرار في حلبها واستنفاد مغانمها حتى الكأس الأخير، ومع انهم مكشوفون مفضوحو النوايا والاهداف الا انهم ما يزالون يفضلون اللعب من الكواليس مختبئين وراء ادعاءات الحياد والانحياز الى الارادة الشعبية (المزعومة) والتي لم تمثل في اقصى تحشيدها وتجنيدها الا نسبة 2.5‎% من الارادة الجمعية الحقيقية للشعب العراقي، ليس بالظن والهوى وخبط العشواء ولكن بالاحصاء والحساب والنتيجة والورقة والقلم كما يقال.
وبعيدا عن الدوافع المغرضة والمطامع والمطامح التي يقرأ بها (البعض) وانصارهم وذيولهم تغريدة السيد المالكي التي عدّها كثير من رجال السياسة الموضوعيين بوصلة حقيقية للمركب التائه في عرض بحر التنازعات، والموشك على الغرق الأكيد، نحاول في هذا المقال تفكيك العناصر الرئيسة لرؤية السيد المالكي الواردة في تغريدته المذكورة لنجده يصف الواقع السياسي المضطرب وكيفية الخروج من الأزمة التي طالت وخرجت عن كل الموازين السياسية والقانونية والدستورية بل وحتى العرفية والاخلاقية.
1- يؤكد المالكي في تغريدته على وجوب احترام القانون وقرارات القضاء التي هي فيصل جميع المجتمعات على اختلاف درجات وعيها وثقافتها وكينونتها الحضارية، فيقول :
( ان حكم القضاء بعدم جواز حل البرلمان يعني لا انتخابات مبكرة الا بعد استئناف مجلس النواب لعقد جلساته)
وهو امر كان يجب ان يكون بديهيا لدى الطرف السياسي الآخر حيث لايحتاج الى شرح او تفسير وتفصيل. فالقضاء قال كلمته وقراره، والبرلمان حسب ذلك القرار كامل الشرعية واجب الانعقاد رغما عن تعنت المعاندين واهواء الرافضين، فالدول لاتسير بالتعنت والعناد وليّ الاذرع وفرض الارادات بل بالشرائع والدساتير والقوانين والاحكام الثابتة القاطعة الراسخة.
ثم يردف ذلك بقوله:
( ووجوب تشكيل حكومة جديدة مكتملة الصلاحية).
اي ان الواجب الوطني والوجوب الدستوري يفرض على البرلمان عند عقد اولى جلساته (التي تأخرت كثيرا بسبب التعطيل الفوضوي المتعمد الذي قامت به بعض القوى السياسية)، ان يكلف الكتلة الاكبر داخل البرلمان بالتشكيل الحكومي الجديد وبكامل الصلاحيات والاستحقاقات الدستورية.
وهو امر بديهي آخر لا يحتاج ان نسوق على شرعيته وضرورته وحتمه، اية ادلة او براهين، ولا ان يكون موضع نقاش ورد وبدل.
2- يشير السيد المالكي في معرض تغريدته ايضاً الى داعم مؤكد آخر لقانونية مطلب الانعقاد البرلماني والتشكيل الحكومي ودستوريته بقوله :
( كما ابدت القوى السياسية موقفها الداعم لقرار القضاء واعلنت رفضها حل البرلمان والانتخابات المبكرة المقترحة).
وهو عنصر حاسم آخر تكتمل به دائرة الوجوب الشرعي والدستوري للبدء بالعمل البرلماني واكمال الخطوات اللاحقة في الانتخاب الرئاسي والتشكيل الحكومي للخروج من عنق الزجاجة الخانق المنغلق بعبث وعناد وفوضى لا مبرر لها منذ اكثر من سنة ونصف، في حين يتخبط الشعب مظلوما في ضياع دوامة هذا التعنت والاستقواء والتعطيل الخارج عن الدستور والقانون.
ان حلول الترضية والمصالحات المبنية على تطييب الخواطر وتبويس اللحى والسعي اللاهث لعدم اغضاب او (ازعال) هذا الطرف او ذلك تحت شعار (حب عمّك و حب خالك)، قد تصلح لفض النزاعات العائلية او العشائرية والتي غالبا ماتنتهي (جوّه البساط)، لايمكن اعتمادها كأساس لبناء الدولة او كمسار سياسي او كبديل لسلطة الدستور والقانون والقضاء، فالامر هنا اكثر تعقيداً وتركيباً وخطورة، لان مايصلح لمجموعة لايمكن ان يصلح للجميع، وما ينطبق على الجزء في القرار بالعرف الجزئي لا يجوز ان يكون شريعة عامة شاملة، كما ان بناء البيت لا يشبه ابدا بناء الدولة حتى وان تشابهت بعض ملامح العناصر والاسس في الحالتين. لذلك يحسم السيد المالكي بشجاعة وواقعية حالة الوهم التي يريد (بعضهم) اشاعتها لتضبيب الرؤية والتعمية على الشرعية والدستور والقانون سعيا لاضغاث احلامهم، بقوله :
(لاداعي بعد للحديث في هذا الموضوع المحسوم دستورياً وقضائياً وسياسياً، ويجب مغادرته وتكريس الكلام والجهود والمقترحات على تفعيل البرلمان والاسراع في تشكيل حكومة ائتلافية لتحقيق افضل الخدمات والاستقرار السياسي والامني).
وانا اثني على قوله بشدة واقول:
نعم لا داعي للحديث الفارغ وتشتيت الرؤية واسقاط البلاد في دائرة الوهم والعبث والفوضى، خاصة و نحن نرى هذا الرجل وهو بكامل حضوره وحظوظه الدستورية والقانونية يشير الى تشكيل حكومة (ائتلافية) تضم الجميع من اجل ضمان الوحدة الوطنية واشاعة الامن والامان للبدء في مرحلة البناء الموعودة التي تأخرت وتعطلت كثيراً بل كثيرا جداً.

اظهر المزيد
0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى