حرب الاوهام السبعة ….! (( رؤية واضحة وسط ضباب سياسي كثيف )) ….الجزء الثاني – وكالة بابليون
أحدث_الأخبار
سياسية

حرب الاوهام السبعة ….! (( رؤية واضحة وسط ضباب سياسي كثيف )) ….الجزء الثاني

سعد الأوسي

 

تحدثنا في الجزء الاول من هذا المقال عن الاوهام السبعة التي وضعها البعض كموانع وعصي دولاب امام تولي السيد نوري المالكي رئاسة الوزراء والتي اصبحت مطلبا جماهيريا يمثل رغبة اغلب ابناء الشعب بعد الفوضى السياسية والادارية التي سقط فيها البلد منذ المظاهرات التشرينية في 2019 حتى الان والتطورات الدراماتيكية الحادة في المسار السياسي العراقي التي رافقتها او التي نتجت عنها حتى الآن.
وقد استعرضنا في الجزء الاول اولى (التهويلات) السبعة التي يلوحون بها للمالكي وهي شعار المرجعية الدينية الحكيمة (المجرب لا يجرب) في محاولة لاسقاط ذلك الوهم على قرار الكتل السياسية الفائزة في الانتخابات البرلمانية و المتحالفة ضمن (الاطار التنسيقي) والمتفقة على ضرورة رئاسة المالكي للسلطة التنفيذية في هذه المرحلة بالذات لتنفيذ خطته في انقاذ البلد واعادة كينونة الدولة وهيبتها، وبناء وتمتين الاقتصاد الوطني من جديد وهو المطلب الشعبي الاول بعد طول معاناة وفقر وصلت معدلاته الى 40‎%‎ في بلد يعد الاغنى في محيطه الاقليمي والاكثر خزيناً من الثروات الطبيعية ناهيكم عن موقعه الجغرافي المهم وخصوبة اراضيه الزراعية شبه المهملة مع الأسف.
وسنتناول في هذه التتمة باقي الخرافات السياسية التي يروجونها للوقوف في وجه هذا الطوفان الاصلاحي المأمول من اجل حاضر ومستقبل افضل ودولة اقوى وأمثل.

ثانيا/ المجتمع الدولي :
يتحدث روزخونية السياسة وادعياء الفكر والتحليل من بهائم الفيس بوك او مطايا القنوات الفضائية، عن مزاج دولي رافض لفكرة رئاسة السيد المالكي للوزراء رغم استحقاقه النيابي والدستوري والجماهيري، بل ورغم الحاجة الفعلية التي تفرزها الاوضاع السياسية الحالية لرئيس قوي يقود البلاد الى ضفة الامان، واعادة بنائه وتطهيره من الفساد والمفسدين، و لجم مراكز القوى المستذئبة المتجبرة على كيان الدولة !!!!
والواقع يقول ان الحقيقة غير ذلك تماما، كما ان المنطق السياسي السليم يدحض هذا الادعاء الايهامي المهلهل، فالمجتمع الدولي والقوى الفاعلة الكبرى، تريد وتسعى وتعمل من اجل الوصول الى ادارة سياسية قوية للعراق لوضعه على المسار الدولي والاقليمي الصحيح والتخلص من صداع الرأس الذي تسببه الفوضى والفساد المستشري في كيان الدولة منذ سنوات وما ينتج عنهما من انعكاسات مؤثرة في سياق العمل الدولي السياسي والاقتصادي العام.لذلك فان خيار عودة الرجل القوي ذي الخبرة السياسية والادارية والامنية، السيد نوري المالكي الى تسنم منصب رئاسة الوزراء وادارة شؤون البلد يقع في صميم الارادة والرغبة الدولية العالمية والاقليمية، وهو ماوضح في كثير من الرسائل والاشارات الصريحة او المخفية الداعمة لهذا التوجه، والتي دفعت المالكي دفعا للموافقة على ترشيح نفسه للمنصب كمشروع انقاذ بعد التخبط والدوار الذي اصاب العملية السياسية منذ نهاية انتخابات 2021 حتى الان.

ثالثا/ دول الجوار الاقليمي :
وهنا لابد من الحديث بلغة اكثر تحديدا وتشخيصاً ووضوحا لمناقشة هذا الادعاء الواهي، بدلا من البقاء في اطار التعميم والتضليل والايهام، واعني بذلك تسمية دول الاقليم تلك ومناقشة موقفها وليس مجرد الاشارات العامة التي لامعنى لها. مع التذكير ان الشأن العراقي الداخلي شأن وطني محض، يجب ان لا تتلاعب فيه الدول الاقليمية، الا ان واقع الحال يقول غير ذلك مع الأسف.
فايران وتركيا والسعودية يمثلون اذرعاً قويا تمسك ببعض اطراف الشأن العراقي وتتحكم به، منذ 2003 حتى الان تحقيقا لمصالحها واهدافها في العراق والمنطقة، وربما تأميناً لجوارها الاقليمي معه وتحقيقا لمصالحها الاقتصادية الكبيرة فيه، وهو امر لايمكن انكاره او تجاهله. الا ان هذه المصالح الاقليمية منفردة ومجتمعة، مختلفةً ومتفقة ستلتقي جميعها في مصب واحد، وهو ضرورة وجود حاكم قوي حازم للعراق لضبط ايقاع العلاقة معه، والخروج من دوامة الفوضى التي يسببها والتي لا تنفع اي طرف من الاطراف. ربما كانت الفوضى الصاخبة التي عصفت بالعراق بضع سنوات خلت، تحقق مصالحها واهدافها وقتذاك، الا ان الواقع السياسي الدولي والاقليمي الان يخالف ذلك بل يتطلب ويفرض عليها لغة تعامل مختلفة تمام الاختلاف عن حالة الفوضى والصخب والعنف الذي كان عليه العراق، على وفق مصالحها من جهة، وعلى وفق الارادة الدولية التي حددت بحزم المساحة المسموح بها لكل دولة من هذه الدول للتحرك والتدخل في الشأن العراقي. وبالطبع لا ينطلي على اي محلل او مفكر او مراقب او سياسي حصيف، الصورة التي تصدرها لنا هذه الدول الثلاث من الخلافات والاختلافات والصراعات الدائرة بينها، لان المخفي تحت الطاولة يقول غير ذلك تماما. فالتنسيق والتواصل والتخادم هو السمة الابرز في علاقاتها البينية، وقراءات مواقفها الاخيرة كلها تشير الى رغبة موحدة في عراق مستقر سياسيا واقتصاديا وامنيا تحت قيادة قوية حازمة خبيرة، متمثلة بالسيد المالكي حصراً وتحديداً، وهو ما مثلته بوضوح حاسم مواقفها الاخيرة مع العراق ورسائلها السرية الى السيد المالكي التي تدعم ولايته الجديدة، لبناء علاقات اقليمية جديدة اكثر تعقلا وواقعية ومراعاة لمصالح العراق شرط تحقق الامان والاستقرار فيه.

رابعاً/ التشرينيون :
كان المطلب الاول للشباب الشجعان الذين تظاهروا في تشرين 2019 هو الحلم بوطن آمن وحياة حرة كريمة وعمل آمن لهم على وفق اسس العدل والمساواة. لكن تلك الاهداف والمطالب المشروعة سرعان ما تحولت الى شكل حاد من اشكال الفوضى والعنف والدموية بعد ان امتدت ايدٍ غريبة فاعلة لتحريك وتوجيه مسار الثورة وحرفها عن مسارها الوطني النبيل الى اهداف سياسية داخلية وخارجية، استخدمت ثورة الشباب واندفاعهم لتحقيق مآربها، وبدا ذلك واضحا في التمويل (المجهول) الكبير الذي بدأ يصل الى ساحات التظاهر وتجنيد بعض قياداتها او دس البعض الاخر في وسط قياداتها الميدانية لاستثمارها سياسيا وتوجيه حركتها حس مقتضى مصالح اللاعبين الكبار الذين يفترض ان الشباب ثاروا ضدهم !!!!
لذلك رأينا انعكاس ذلك في الانقسامات الشديدة على الارض بين الشباب المتظاهرين وبروز قيادات كثيرة جدا تدعي كل واحدة منها انها تمثل (الثورة) وتقودها، على الرغم من ان بعضهم لايحضر الى ساحات التظاهر الا لسويعات معدودة لالتقاط الصور والادعاء بانه قائد تشريني.
هذه الحراك الفوضوي قابله في الطرف الاخر (طرف اجهزة الدولة الامنية وبعض الميلي…….شيات المنضوية معها) رد فعل اكثر فوضوية وجهلاً، غلب عليه العنف الشديد وكثير من الدماء البريئة التي لم يكن ينبغي ابدا ان تُسال وتهدر في حراك يفترض ان يكون سلميا ويكفله الدستور والقانون والعرف.
لذلك كان الثمن الوطني المدفوع باهضاً وقاسيا من الطرفين، دماء الثوار الزكية الطاهرة، ودماء رجال الاجهزة الامنية الملتزمة باداء واجبها وتنفيذ الاوامر الصادرة اليها، اضافة الى قطع جسور الثقة والولاء بين شريحة مهمة من الشعب واجهزة الدولة، وقبل ذلك قيادتها التي لم تكن بحجم المسؤولية فدفعت الثمن غاليا بخروجها واستقالتها الاجبارية مع تحميلها المسؤولية التاريخية عما حدث.
تأسيسا على ماسلف فان اختيار قيادة سياسية حكيمة وقوية لادارة البلد ستصب بالتأكيد في صميم اهداف الثوار التشرينيين لانها كفيلة بتحقيق مطالبهم في بناء الوطن وتوفير الحياة الحرة الكريمة لهم، وان معطيات التاريخ القريب الذي تسنم فيه المالكي منصب رئاسة الوزراء وقيادة السلطة التنفيذية، تتحدث بفخر عن فترة الرفاه الاقتصادي الذي عاشه العراقيون في زمنه وتوفير اقصى قدر ممكن من فرص وظروف العمل في جوّ من الامن والامان، كأمثل فترة رئاسية قياسا الى من كان قبله ومن جاء بعده. وهو بذلك صمام الامان المعول عليه لضمان عدم تكرار تلك التجربة المريرة التي دفعنا جميعا ثمنها بل مانزال حتى الان.

خامسا/ القوى السياسية المناوئة:
ربما كانت السمة الاوضح التي تلاحظ على الحراك السياسي في الفترة الاخيرة ان الغالبية العظمى من القيادات الحزبية الكبيرة على اختلاف هوياتهم واهوائهم ومصالحهم وايدولوجياتهم، يسعون جاهدين لتنصيب رجل ضعيف آخر في رئاسة الوزراء، كونهم مراكز قوى تريد ان تحافظ على وضعها وسطوتها وامتيازاتها المالية والمناصبية والمصلحية، لذلك فهي تسعى الى تنصيب شخصية ضعيفة في رئاسة الوزراء لتضمن ولاءها وتبعيتها ، ولتفرض عليها سيطرتها الكاملة وتسيرها كما تشاء تحقيقاً لمآربها وحفاظا على امتيازاتها ومصالحها، لذلك نراها تلجأ الى المؤامرات والمكائد والاحلاف البراجماتية واتفاقات تحت الطاولة من اجل إبعاد السيد المالكي الشخصية القوية الرصينة، المعروف بحزمه وعزمه وصلابته، ورؤيته السياسية الستراتيجية للمرحلة القادمة من اجل انقاذ العراق من كارثة الفساد السياسي والاداري التي يتخبط فيها منذ سنوات والتي اوصلته الى اسوأ الاحوال. ان البحث عن رجل ضعيف لهذا المنصب الخطير في هذا الوقت يعني ترجيح كفة الأنا المصلحية واعادة لعبة المناصب والمكاسب الى الواجهة من جديد، بينما سيكون ترشيح رجل قوي كالرئيس المالكي لهذا المنصب الحساس ترجيح كفة الوطن والشعب واعادة هيبة الدولة وحيوية الاقتصاد والامل بغد اجمل لأعاده علاقة الثقة والايمان والحب والولاء بين المواطن والوطن.

سادساً/ الشارع العراقي المحتقن :
ان محاولة تحميل احتقان الشارع العراقي الملتهب اصلاً منذ سنوات بسبب الادارات السياسية الاخيرة الضعيفة ، على عاتق ولاية المالكي الجديدة التي تبدو كضرورة مؤكدة، لا تصنف الا كضرب من السخرية التافهة والعبث السخيف شكلاً وموضوعاً.
فالحقيقة ان رئاسة المالكي هي الحل وليست المشكلة، وهي الخلاص وليست المأزق، لانها الخيار القوي الوحيد في الافق السياسي بين خيارات واهية خاوية ركيكة ضعيفة لايرقى احسنها الى السفح الذي يقف عليه المالكي. وان الشارع العراقي المحتقن – على حد وصفهم- قد عبّر اكثر من مرة عن رغبته الشديدة في ولاية المالكي الرجل القوي الوحيد في العملية السياسية القادر على بسط الامن وتنشيط الاقتصاد الوطني واعادة بناء البلد من جديد. لذلك يبدو هذا الادعاء الوهم في خضم حرب الحلفاء الخائبين ضد المالكي نوعا من الغباء السياسي الذي يجب ان يكون سببا لحرمانهم من ممارسة العمل السياسي.

سابعاً/ الصدر والصدريون :

يجري التلويح دائما بان العداء المستشري بين السيد المالكي والسيد الصدر هو العائق الاكبر امام موافقة الصدر على الرئاسة الجديدة له، وهو امر لا ادري في اي ميزان وطني اضعه حين انظر الى حال الوطن المتردي وحالة الانسداد السياسي التي لا تحتمل العناد او العداء الشخصي امام الاستحقاقات الوطنية التي تحتم اختيار الرجل القادر على ادارة المرحلة القادمة.
ان المرشحين الصدريين لرئاسة الوزراء الذين كان السيد مقتدى ينوي تشكيل الوزارة برئاستهم لايرقى اي منهم في خبرته وقدراته وتاريخه وتجربته وقوة حضوره السياسي وشخصيته الى السيد المالكي، لذلك كنت اتوقع بين لحظة واخرى تراجع السيد الصدر عن مواقفه واعلانه دعم السيد المالكي بأصواته داخل البرلمان من اجل مصلحة الوطن والشعب التي افرزت حاجة ماسة ورغبة وطنية عامة لتكليف المالكي بالمسؤولية الادق والاصعب في هذه المرحلة مع اشتراط سقف زمني قدره عام واحد لتقييم مدى نجاحه في دفع شبح الازمة بل الازمات المتعددة عن البلاد، ثم تخويله بعد ذلك باقصى واوسع الصلاحيات الممكنة لاتمام مسيرته الناجحة باذن الله.
ان وضع البلد لايحتمل مزيدا من الصراعات التي قد تودي بالجميع الى هاوية لايعلم الا الله عاقبتها ونتائجها الكارثية المتوقعة.
ربما لاينضوي هذا السبب الاخير تحت لائحة الاوهام المحضة المشهرة في وجه رئاسة المالكي، لانه يحمل بعض الواقعية، الا انه لايخلو من وهم خادع حتى وان كان بنسبة ضئيلة واعني هنا وهم بعض الجهات الاقليمية التي تحرض السيد الصدر وتدعمه في هذا الموقف المأزوم الحاد، ظنّاً واهماً منها ان ذلك يعيق المسار الوطني المحتوم نحو تكليف المالكي بقيادة البلد، لانني اعتقد ان كل الاسباب الموجبة وكذلك القوى الدولية الفاعلة الكبرى ترغب وتعمل من اجل تحقيق هذا الهدف لتطويق الازمات والعواصف والزوابع الكثيرة التي تأتي من العراق وتكدّر جوّ المنطقة السياسي والامني والاقتصادي. كما ان دول الجوار الاقليمي في اغلبها ستكون مرتاحة جدا بوجود عراق آمن مستقر مرفّه اقتصاديا تحت قيادة قوية حازمة تستطيع اعادته الى مكانته في الحياة والحضارة.

اظهر المزيد
0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى